اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 245
ومن وجد فى أرض الإسلام من الحربيين أو التجار مثلا فقبض عليه فاعتذر بأنه جاء ليطلب الأمان، أو بأنه لم يكن يعرف أن التجار يعاملون معاملة المحاربين أمضى له هذا الأمان، إلا أن يثبت عليه غير ذلك من تجسس، أو مكيدة حرصا من المشرّع الإسلامى على استبقاء النفوس، واستمالة الأفئدة إلى الدعوة التى هى المقصود الأول والأخير فى الحرب وفى السلم.
[من له حق إعطاء الأمان؟]
والأمان من حق الإمام أو نائبه بلا خلاف، وفى إعطاء هذا الحق لغيره تفصيل طويل، حتى ذهب بعض الأئمة إلى أن الأمان من حقّ كل مسلم حر، رجلا كان أو امرأة، أو صبيّا بلغ سن التمييز واحتمل تكاليف القتال [1]، أخذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم" [2] وللعبد المسلم أن يعطى الأمان، وأمانه نافذ عند قوم بلا شرط، وعند آخرين بشرط: أن يجيزه سيده، أو يوافق الإمام على هذا الأمان [3]. وليس بعد ذلك تكريم لإنسانية الإنسان، أو تقدير لوحدة الجماعة وحق الفرد فيها، كما أن لها فى دمه وماله إذا هددها شىء كل شىء، وذلك قول الله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ... ) الآية.
لمن نفى؟
لا وفاء إلا لمن وفى، وهؤلاء المشركون الذين ستأتى أوصافهم وقيمة العهود والمواثيق عندهم لا عهد لهم عند الله وعند رسوله، إلا قبائل من بنى بكر عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المسجد الحرام عام الحديبية- ونقضت قريش وحلفاؤها عهدهم- ولكنهم ثبتوا، [1] بل ذهب أكثر أهل العلم إلى ذلك، وليس بعضهم كما قال الإمام البنا، فقد نصوا على: صحة الأمان من كل مسلم بالغ عاقل مختار، وهذا القول مروى عن: الثورى، والأوزاعى، والشافعى، وإسحاق، وابن القاسم، وأكثر أهل العلم، كما قال ابن قدامة. انظر: المغنى (13/ 75). [2] رواه أحمد (1/ 191، 197) والبخارى (111) و (3047) و (6903) و (6915) والترمذى (1412) والنسائى فى" المجتبى" (4744) وفى" الكبرى" (8682) وأبو داود (4530) وابن ماجة (2658) والبزار (714) وأبو يعلى (338) و (628) والبيهقى فى" السنن" (8/ 28) والطبرانى فى" الأوسط" (5277) وعبد الرزاق فى" المصنف" (18507) عن أبى جحيفة. [3] انظر: المغنى (13/ 75).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 245